قصة حي الجميلية بحلب - صورة نادرة لقصر جميل من قصور حي الجميلية بحلب عام 1900م

15-02-2020 7484 مشاهدة

كان مدخل مدينة حلب التاريخي الرئيسي واقعا في الجهة الجنوبية الغربية وخاصة للقادمين من دمشق، يبدأ دخول المدينة من جسر الناعورة بعد اجتياز نهر قويق الذي كان يحد توسع المدينة من الغرب، لم تكن هناك وسيلة في آخر القرن التاسع عشر لعبور النهر سوى جسر الناعورة الذي يحد منطقة "الكتاب" التي كانت تعتبر ضاحية خارج المدينة، كانت الحاجة ماسة في نهاية القرن التاسع عشر لتوسع المدينة القديمة خارج الأسوار وعادة يكون التوسع الحداثي جهة الغرب طلباً للرياح الغربية العليلة. كانت أغلب أراضي حي الجميلية عائدة لأراضي وقف العثمانية التي وقفها في القرن الثامن عشر عثمان باشا يكن ليعود ريعها لجامع العثمانية.

بدأت السلطنة العثمانية ببناء المكتب الاعدادي الملكي ( مدرسة المأمون) في المنطقة الحديثة التي سيطلق عليها لاحقا اسم الجميلية كإشعار باطلاق حي جديد في تلك المنطقة، خاصة بعدما قام الوالي العثماني جميل باشا ببناء قصر سكنه فيها وهو من منح هذا الحي اسمه.

بدأ بقية الموظفين العثمانيين الكبار بناء قصورهم الطابقية في تلك المنطقة أيضاً بدءا من عام 1880م.فكان منهم القائد العسكري علي محسن باشا. كما قامت بلدية حلب ببناء قصر لسكن رئيس البلدية في تلك المنطقة وهو ما سيتحول لاحقا لمدرسة معاوية.

قام الاثرياء اليهود القاطنين قديما في الاحياء اليهودية التقليدية داخل الاسوار كحي بحسيتا والبندرة والقلة بالبناء في منطقة الجميلية أيضا كآل شماع ونحماد وجداع وسيلفيرا وغيرهم، وغادروا أحياءهم اليهودية التقليدية داخل الأسوار تدريجيا.

تبعهم الاثرياء المسلمين من طبقة مالكي الأراضي من الإقطاع العثماني من سكان منطقة الفرافرة التي ضاقت بساكنيها كآل القدسي وآل اليكن، ومن سكان منطقة السويقة كآل الجابري وهم من طبقة رجال الدين المقربين من السلطنة ومالكي الاقطاعيات، وكذلك الأمر من سكان بقية الأحياء القديمة كآل كوزم، ومن طبقة تجار الأغنام كأل حموية وغيرهم من فئات ثرية، قام جميع هؤلاء بالبناء في حي الجميلية أيضا.

استقدم هؤلاء مهندسين أجانب متأثرين بطرز العمارة الأوروبية الأحدث في ذلك الوقت لتصميم وبناء قصور صغيرة طابقية غاية في الجمال، مستفيدين من خبرة البنائين الحلبيين العريقة بالتعامل مع الحجر الحلبي.

استمر البناء في حي الجميلية جهة جسر الناعورة وخاصة على طول الطريق الرئيسي المؤدي الى ميناء اسكندرونة والذي حمل لاحقا ذات الاسم "شارع اسكندرونة" في إشارة للطريق التاريخي من مدينة حلب نحو مينائها الطبيعي الذي تم حرمانها منه.

كمابدأ بناء المشافي الحديثة حينها كمشفى القديس لويس ( مشفى فريشو) حوالي عام 1907 ، وجامع عبد الرحمن زكي باشا المدرس وه من الجوامع الضخمة في ذلك الزمن، وسرعان ما بدأ آل المدرس بالبناء والسكن حوله أيضا كما قام صديق أفندي المدرس ببناء جامع الصديق الشهير في حي الجميلية عام 1934 وأسماه على اسمه.وتزايدت البنايات الجميلة في هذا الحي حتى الثلاثينات من القرن العشرين.

تعتبر الأبنية الحلبية التي تم هدم قسم كبير منها لأسباب تجارية في النصف الثاني من القرن العشرين هي ابنية نموذجية لدراسة جماليات فن تطور هندسة البناء بحلب.

بقلم المحامي علاء السيد

السابق عرض الكل التالي
شارك الموضوع مع اصدقائك !!
لمتابعة أحدث منشورات دار الوثائق الرقمية التاريخية على شبكات التواصل الاجتماعي :

صور أخرى ضمن  صور نادرة

أكثر الكتب مشاهدة

مكتبة الفيديو