في مطلع عام 1949م تولى رئاسة مجلس الوزراء السيد خالد العظم وتولى معها منصب وزير الخارجية ووزير الدفاع الوطني ومن حلب تولى مجد الدين الجابري منصب وزير الاشغال العامة وهو الذي كان رئيسا لبلدية حلب قبل ذلك
وقد تم تشكيل هذه الحكومة بعد المظاهرات الطلابية الدامية التي جرت في شهر كانون الاول 1948 احتجاجا على خسارة فلسطين وبمناسبة مرور سنة على قرار التقسيم وتم اطلاق النار على المتظاهرين في دمشق وأعلن الاضراب في حلب ثم اعلن رفع الاضراب ونزلت قوات الجيش لحلب وفرضت حظر التجول واصدر قائد الجيش حسني الزعيم بيانا جاء فيه "انني أمرت قيادة الجيش أن تكون مسؤولة عن الامن العام " دون الرجوع في قراره هذا للحكومة او لمجلس النواب او لرئاسة الجمهورية وتم اعتقال العشرات وضربهم بشدة ولكن القضاء افرج عنهم جميعا بعدها مما ادى لاقالة الحكومة.
أما رئيس مجلس النواب فكان فارس الخوري الذي عاد بعد غياب طويل أمضاه في منظمة الامم المتحدة لمدة حوالي السنتين وكان أمين سر المجلس الدكتور عبد السلام العجيلي القادم من الرقة ومن نواب حلب حينها كان رشدي الكيخيا وحسن الجابري وأنور ابراهيم باشا ولويس هندية ولطيف غنيمة وجبرائيل غزال وعبد العزيز حلاج وعبد القادر برمدا وزكي المدرس وأحمد قنبر ويوسف ليان وديكران جرجيان وعبد الحميد دويدري وناظم القدسي وغيرهم
من اللافت للنظر في محاضر الجلسات هذه في بدايتها اقتراح أحد أعضاء المجلس وهو نسيب البكري تشكيل لجنة لتخليد ذكر وتكريم رئيس المجلس فارس الخوري لقاء جهوده في أروقة الامم المتحدة فكان جواب فارس الخوري " إن الشخص ما دام حيا فهو المكلف بتخليد اسمه بأفعاله وبدعم أعماله الماضية بأعماله المستقبلية ليبقى اسمه خالدا في الدنيا" ورفض الخوري تشكيل هذه اللجنة بكل لباقة.
وقرر مجلس النواب بعد مناقشة المصاب الكبير في فلسطين تشكيل " مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب "
استجوب مجلس النواب بشكل مباشر الحكومة الجديدة برئاسة خالد العظم عن مصير تحقيقاتها في الافعال القمعية للحكومة السابقة ودافع البعض عما جرى ومنهم حبيب كحالة بأن المظاهرات الطلابية انضم اليها مندسين وحاولوا احراق اسواق دمشق القديمة بل انهم ملؤا توابيت بالحجارة للايحاء بعدد كبير من قتلى المظاهرات لتهييج الرأي العام وما كان امام قائد الجيش حسني الزعيم الا اللجوء الى ما يشبه الاحكام العرفية واطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين واعتقالهم وتعذيبهم وفي النهاية اصدر المجلس قرار بتمليف الحكومة الجديدة باجراء التحقيقات.
كما ناقش المجلس تبعا لاحداث فلسطين قانون الجيش الاساسي. وتم رصد 11 مليون ليرة لتجهيز الجيش
وآخر جلسات المجلس كانت في 29 أذار 1949 وبعدها توقفت اعمال المجلس بسبب سلسلة الانقلابات التي قام بها حسني الزعيم ثم سامي الحناوي ولم يعد المجلس للانعقاد إلا في الشهر الأخير من عام 1949 بعدما انتهت موجة الانقلابات وتم تكليف هاشم الاتاسي بتشكيل الحكومة السورية ورشدي الكيخيا لوزارة الداخلية وناظم القدسي لوزارة الخارجية وتم انتخاب جمعية تأسيسية تهدف لاعداد الدستور الشهير لسوريا وهو دستور عام 1950. وانتخبت هذه الجمعية رشدي الكيخيا رئيسا لها بعدما انتقل لرئاسة الجمعية التأسيسية من منصب وزير الداخلية.
إن الاحداث الجسام التي مرت بها سوريا في عام 1949 وخاصة سلسلة انقلابات حسني الزعيم وسامي الحناوي لم تتلق نصيبها العادل من البحث في ضوء وقائع ما جرى في مجلس النواب السوري قبل هذه الانقلابات وهل كانت للجنة التحقيق الحكومية مع حسني الزعيم كقائد للجيش للتحقيق في افعاله بقمع مظاهرات دمشق هي السبب فيما فعله أما كان لقانون الجيش واعتماداته المالية المحدودة التي ناقشها مجلس النواب السبب الاكبر في انقلاب حسني الزعيم ومن معه ؟
يمكن تبين هذه الامور بالدراسة المتأنية لمحاضر المجلس في الاشهر الثلاث الاولى من عام 1949.
للحصول على مجلد محاضر جلسات مجلس النواب السوري لعام 1949م.
جميع الحقوق محفوظة لـدار الوثائق الرقمية التاريخية © 2024 https://dig-doc.org/ |