منذ اربعينات القرن الماضي كان الحاج صبحي زين العابدين يجمع اساطين الطرب الحلبي في منزله العربي الكائن في حي الجبيلة التاريخي حتى وفاته عام 1971 م و اشتهرت تلك السهرة التي كانت تقام كل يوم سبت باسم "السبتية " و كان يحضرها الشيخ عمر البطش و بكري كردي الذي لحن أغنية " ابعتلي جواب و طمني " الشهيرة في " أرض حوش " ذلك المنزل.
في أوائل الثمانينات أحيا السيد يحيى زين العابدين سنة والده و انطلقت سهرات " السبتية "مرة أخرى وكانت هذه السهرة تقام صيفا و شتاء ، تبدأ صيفا في " أرض الحوش " من الساعة التاسعة مساء و تمتد أحيانا حتى آذان الفجر، اما في الشتاء فتكون ضمن غرف البيت العربي و تبدأ من السادسة مساء حتى منتصف الليل واستمرت السبتية حتى عام 2003م
في الصيف كان الحضور يصل لحوالي الخمسين شخصا لسعة أرض الحوش و الضيافة الرسمية الشاي بالكاسات الرقيقة المذهبة .
كان يحيي السهرات أعلام الطرب والموسيقا وعلى رأسهم الأستاذ صباح فخري و الاستاذ صبري مدلل والفنانة ميادة الحناوي والفنانون حمام خيري و ظافر جسري وعمر سرميني وحسن حفار و نهاد نجار .
يرافقهم العازفون أمثال الفنان محمد قدري دلال و محمد قصاص على العود والفنانون وحيد السقا وصافي زينب و حسان تناري و المستشرق الفرنسي جوليان فايس على القانون .
يجتمع المطربون والموسيقيون ليغنوا ويعزفوا بحضور السميعة و ضيوف السهرة من ذوي الأذواق الرفيعة .
للسميع الحلبي مواصفات محددة هي تمتعه بإذن موسيقية واطلاعه الكبير على المقامات الموسيقية واقسام المغنى الحلبي السبعة : القد و الطقوقة و الموشح و الدور و القصيدة و الاغنية و الارتجال و ذو احساس و مزاج عالي .
يحضر السهرة رجال الدين المسلمون و المسيحيون و التجار و الاطباء و المحامون و المهندسون و المثقفون ووجوه المجتمع الحلبي من النساء و الرجال و ضيوف يزورون " السبتية " بين الفينة و الأخرى .
من رجال الدين الشيخ مسعود الهلالي و الشيخ محمود الزرقا و المطران يوحنا ابراهيم .
من تجار سوق المدينة كان يحضر عبد الغفور قناعة و محيي الدين موصللي و سامر صباغ و من الصناعيين و التجار الاخوة رياض و توفيق شبيب و يوسف بللو والحاج أديب بادنجكي وعاطف و حسين بادنجكي و الحاج رفعت صلاحية غيرهم .
من الاطباء المرحوم د. احسان شيط و د. محمد الطيب و د . سمير انطاكي و د. عامر شيخوني ود. رضوان حوكان وغيرهم .
و من السيدات الدكتورة ندى بازرباشي و السيدة أمية الزعيم.
اما ابرز الضيوف الرسميين فكانوا الرئيس الامريكي جيمي كارتر و سفراء دول اليابان و المانيا و الهند و بلجيكا و غيرهم و من الوزراء عصام الزعيم و سعد الله أغا القلعة و منيب صائم الدهر و من المحافظين محمد موالدي و اسامة حامد عدي ومن القناصل الفخريين جورج انطاكي و جورج مراش و أحمد شهابي و الاعلامية العالمية هالة كوراني التي كانت حينها مذيعة في قناة cnn الامريكية .
ومن الادباء المرحوم عبد الله يوركي حلاق و المحامي نجاة قصاب حسن من دمشق والدكتور عبد السلام العجيلي من الرقة .
و اشتهرت سهرة السبتية التي حضرها الفنان المصري عزت العلايلي و التي وصلت به مرحلة الطرب الى الرقص بالعصا على الطريقة المصرية .
أغلب سهرات السبتية كانت تسجل على اشرطة كاسيت و بعضها مسجل على اشرطة فيديو وهناك مشروع لأرشفتها الكترونيا ضمن "أرشيف حلب الوطني" بالتعاون مع السيد عبد الله ابن يحيى زين العابدين .
كان من أهم السميعة في السبتية صاحبها يحيى زين العابدين الذي توفي عام 2004 ، والسيد فاتح ابو زيد من سكان حي الباب الاحمر، و السيد مهند علوان من تجار خان العلبية و هو من مدربي فرق الرقص العربي الحلبي .
هؤلاء السميعة هم احفاد "السميعة الحلبية " الذين اشتهرت قصتهم عندما حضر اثنان او ثلاثة منهم فقط الحفلة الاولى للموسيقار المصري عبد الوهاب بحلب مطلع القرن العشرين و عندما تساءل عن سبب قلة الحضور فأخبره منظمو الحفل " إن اعطى هؤلاء السميعة رضاهم عن مستواه الفني فحينها يحضر الجمهور الحلبي الحفلة الثانية " وهذا ما كان .
جميع الحقوق محفوظة لـدار الوثائق الرقمية التاريخية © 2024 https://dig-doc.org/ |