قلة يعرفون أن اسكندر فرح و هو من مواليد دمشق سنة 1851م حاز أعلى الدرجات الماسونية في تلك الفترة المبكرة من تاريخ سوريا و حقيقة الأمر أنه عندما تعين مدحت باشا – وهو الرجل المقرب من إنكلترا والحاصل على أعلى الدرجات الماسونية وفق المحفل الإيكوسي الاسكتلندي - واليا على دمشق عام 1878م تم تعيين اسكندر فرح سكرتيراً له، وعلى ما يبدو أن اسكندر كان أخاً ماسونياً لمدحت باشا الذي يلقب أبو الدستور العثماني، ولميتضح بعد المحفل الذي انتسبا إليه.
تمت إقالة اسكندر من وظيفته تزامناً مع رحيل مدحت باشا عن دمشق.
في الصورة النادرة المرفقة نجد اسكندر فرح مرتديا الوشاح المخصص للدرجة /٣٠/ في المحفل الايكوسي الاسكوتلندي ويسمى حائز هذه الرتبة فارس القدوس أو فارس النسر الأبيض والأسود- Knight of Kadosh or Knight of White and Black Eagle) والوشاح عليه صليب توتوني ذهبي، مطلي بالمينا الحمراء، مع الحروف J. B. .M. على الوجه، وجمجمة .
لم يكن الانتساب للماسونية في ذلك الوقت السمعة السيئة الحالية للماسونية بل كانت تعتبر مفخرة ودليلا على نخبوية المنتسب.
بعد مقتل رئيس الوزراء العثماني مدحت باشا خنقاً في الطائف في عام 1884م، اختار اسكندر فرح طريق فن التمثيل المسرحي ولم يكن هذا الفن معروفا في البلاد العربية، فسافر اسكندر مع الدمشقي ابو الخليل القباني لمصر، وعمل مديرا لفرقة أبو خليل القباني ومثل أدوار البطولة في مسرحياته، وكون بعد ذلك فرقته المسرحية الخاصة عام 1891م وقدم عروضه المسرحية في مسرح متواضع بالعاصمة القاهرة، ولكن فرقته هذه لم تستمر بالعمل اكثر من عامين اثنين، ثم انضم إلى الفرقة الموسيقي المصري الشيخ سلامة حجازي مغنياً ومؤدياً لعديد من الأغاني والقصائد ومعه شقيقه محمود حجازي ممثلاً.
وفي عام 1899 م وبدعم من رئيس مجلس الشورى المصري شريف باشا قام اسكندر فرح بهدم المسرح القديم وبإنشاء مبنى مخصص كمسرح فيه الاضاءة بالكهرباء، وهو مالم يكن متوفرا من قبل.
مسرحه هذا كان في شارع عبد العزيز الذي أقيم بأرض علي باشا شريف رئيس مجلس الشورى المصري في ذلك الوقت ( مكان المسرح هو سينما أولومبيا الان)
عرضت الفرقه مسرحيات متنوعة لمصلحة جمعيات اسلامية ومسيحية ويهودية فعرضت مسرحية صلاح الدين الايوبي لصالح جمعية الشبيبة المصرية الوطنية ب"تياترو عباس" بالإسكندرية، ومسرحية (مغائر الجن) لجمعية النهضة الحديثة بطنطا وهما من الجمعيات الاسلامية. أما الجمعيات المسيحية فكانت لها الحصة الأكبر من عروض الفرقة وبالأخص جمعية التوفيق القبطية، أما الجمعيات اليهودية فكانت لها نصيب أيضاً ومنها جمعية المقاصد الخيرية الإسرائيلية وتم عرض مسرحية أخرى خصص ريعها لمساعده يهود كشمير.
استمر اسكندر بالعمل المسرحي حتى عام 1905 م عندما نشب خلاف بين شقيقه قيصر فرح والشيخ الحجازي، فانسحب الحجازي ومعه معظم أفراد الفرقة. اضطر اسكندر لإعادة تشكيل فرقة جديدة فيها عدة مغنيين شبان على رأسهم المطرب الشيخ أحمد الشامي وكان عنصر الجذب فيها بطلتها السيدة ماري صوفيان فحققت فرقته الجديدة نجاحاً كبيراً .
انتهت المرحلة الذهبية لعمله المسرحي بخلاف نشب بينه وبين مطربه الرئيسي الشيخ الشامي و تطور الخلاف عام 1907م وترك الشامي الفرقة نهائياً تلازماً مع وفاة بطلة المسرحيات صوفان، وتعثرت الأعمال.
عاد اسكندر وشكل فرقة جديدة انضم اليها نجيب الريحاني وابتكر اسكندر طريقة عرض فيلم سينما صامت مدته دقائق قصيرة وفقرة تنويم مغناطيسي بعد كل عرض مسرحي على طراز مسارح أوروبا في تلك الفترة بعد رحلة له إلى باريس للاطلاع على أحدث صرعات الفن المسرحي فيها، فجذب ذلك الزبائن من جديد لكن سرعان ما توقفت الأعمال بوفاة قيصر شقيق اسكندر الذي كان الاعتماد الأكبر عليه في إدارة الفرقة.
ترك اسكندر المسرح بعدما حاول تشكيل فرقة أخيرة لم تنجح إطلاقاً ، وبدأ بتأجير مسرحه لمختلف الفرق الناشئة منذ عام 1909م . توفي اسكندر بعدها بسنوات عام 1916م عن عمر ناهز 66 عاماً.
جميع الحقوق محفوظة لـدار الوثائق الرقمية التاريخية © 2024 https://dig-doc.org/ |