"ممالك النار" .. نقد 1

"لتفتحن القسطنطينية، فلَنِعْمَ الأمير أميرها، ولَنِعْمَ الجيش ذلك الجيش" هل الأمير المقصود هو السلطان محمد الفاتح كما ساد الاعتقاد؟؟

في ظل الصراع الإعلامي التاريخي التركي السعودي الحالي، وبعدما عمل الأتراك على انتاج عدة مسلسلات تلمع صورة السلطنة العثمانية وقام السعوديون مؤخراً بالرد بالبدء في انتاج مسلسل ممالك النار لإبراز وجهة النظر السلبية عن السلطنة العثمانية .

هذا الصراع يعتمد على الأهداف السياسية لا العلمية البحثية التاريخية، بحيث يشد كل طرق اللحاف باتجاهه.

على كل الأحوال هذا الصراع بدأ يفرز بحثا واهتماما من قبل البعض لمعرفة الحقيقة التاريخية، وتكوين وجهات نظر أوضح عن تاريخ السلطنة وهو أمر جيد في النهاية.

النقد الأول:
إن العمل الأهم الذي ينسب للسلاطين العثمانيين من وجهة نظر المسلمين أنهم استطاعوا "فتح" القسطنطينية وساد الاعتقاد أن فاتحها قد تنبأ بعمله الرسول الكريم شخصيا وأبلغ عنه بالمديح له ولجيشه، وبالتالي السلطان محمد الفاتح هو سلطان عثماني مبارك.

يبدو أن الحقيقة غير ذلك!!! وأن هذا الاعتقاد مبني على أساس غير دقيق.

الحديث المنسوب للرسول يقول:" "لتفتحن القسطنطينية، فلَنِعْمَ الأمير أميرها، ولَنِعْمَ الجيش ذلك الجيش" وبالبحث عن هذا الحديث في الكتب الصحاح نجد أنه جاء في صحيح مسلم حرفيا "لتفتحن القسطنطينية" فقط دون ذكر أي أمير أو أي جيش.

ونجد أن الذي اضاف عبارة"فلَنِعْمَ الأمير أميرها، ولَنِعْمَ الجيش ذلك الجيش" هو مستد الإمام أحمد الذي أسند روايته للحديث إلى "عبد الله بن بشر الغنوي" عن أبيه، بينما اسندت كتب الحديث الأخرى الحديث إلى "عبد الله بن بشر الخثعمي" عن أبيه وبما أن الغنوي غير الخثعمي فقد صنف علماء الحديث هذا الحديث بالضعيف.

فالألباني قام بتضعيف الحديث في السلسلة الضعيفة، وقال: "جملة القول أن الحديث لم يصح عندي لعدم الاطمئنان إلى توثيق ابن حيان للغنوي هذا, وهو غير الخثعمي".

كما ضعفه الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في تحقيقه للمسند، حيث ذكر الحديث معقباً عليه بقوله: "هذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن بشر الخثعمي".

بالتالي يبدو أن هناك من أضاف هذه الجملة المادحة بالأمير وبالجيش الذي سيفتح القسطنطينية لاهداف سياسية..

فاضحت نبؤة الرسول الكريم بفتح القسطنطينية -بعد إضافة جملة إليها -وسيلة للترويج السياسي، غالباً قام بها من سبق العثمانيين ولكن العثمانيون امتطوها.

وللحديث بما يخص تاريخ السلطنة بقية.

--------------
-اقتباس من كتابي القادم : "طريق الحرير. قراءة معاصرة لدور محاور التجارة الدولية في قيام وسقوط الإمبراطوريات والدول"
قيد النشر.

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة