إلى أهالي مدينتي حلب .. رسالة عتب

رغم أنني شخت وزاد عمري على الألف عام ..ولكنني لم أقصر يوماً في حمايتكم والدفاع عنكم .
كنت الجدار الأول في وجه سهام الغزاة ...تحملت صخور منجنيقاتهم ...صيحاتهم ووحشيتهم...تحطمت أجزاء مني ..لكنني صمدت وما زلت واقفاً شامخاً رغم مرور مئات السنين الصعبة ...حملت اسم نصركم على أعداء حلب

لعب أطفالكم تحت أسقفي ..احتضنتهم بكل حب..

استشهد شبابكم خلال مئات السنين على أسواري وأمام جدراني مدافعين عنكم ورووا حجارتي بدمائهم ..بكيت أعمارهم بصمت ..

مررتم يومياً عبري ..اخترقتموني داخلين إلى بيوتكم ...وكلي سعادة بدوسات أقدامكم على بلاط أرضيتي. التي حملت آثار مئات الآلاف منكم عبر العصور ولم تنساها .

داخل جدراني تضرعت النساء إلى الله في مزار مار جرجس الخضر ابو العباس لحماية الأحبة وأشعلن الشموع ..كنت اسمعهم جميعا وأدعو معهم ..أحزن لحزنهم و أفرح لفرحهم ..

دسستم أصابعكم في ثقوب نقشي لاعتقادكم أنها تشفى ..كم كنت أسعد بأنامل الأطفال تلامس حجارتي ..

كم كنت اشعر بالسعادة لأن الله اختار لي أن أمضي حياتي معكم ..
لكنكم أهملتموني ...فعلتم بي ما لم أتوقعه يوماً ..
هجرتموني ....
تصدعت جدراني فلم تلقوا بالاً..
أغلقتم أبوابي ..استحللتم جسدي قطعة تلو القطعة ...
تقاسمتموني وبنيتم جدارناً اسمنية بشعة داخلي ..
عند بناء كل جدار كنتم تقطعون أوصالي غير مبالين بصراخي..
وعندما انتهيتم من تقطيع أحشائي ..بدأتم بوضع الألواح المعدنية الباردة على جسدي المبني من حجارة حلبكم الدافئة ...
ومن أجل ماذا فعلتم كل هذا بي ؟..
أمن أجل محل تتكسبون منه ؟!!!
وهل يقطع الحبيب جسد محبوبه ويبيعه لكي يترزق ببضع دريهمات؟!!
تركتم الأعشاب تنمو على جسدي ...تصدعت أحجاري فلم تكلفوا نفسكم عناء الحنو عليها برفق ...
بل زدتم عليها هنا وهناك اسمنتاً كيمياوياً بغيضاً دخيلاً سمم أوردتي ..
لي حق عليكم أطالبكم به ...بسم دماء شبابكم التي أريقت على جدراني للدفاع عنكم ...بسم العشرة الطويلة التي جمعتنا طوال ما يزيد على الألف عام.
عودوا إلي ...طهروا جسدي ...أزيلوا عنه جدرانكم الاسمنية ...اغسلوا أحجاري ...أبعدوا الألواح المعدنية عنها فهي باردة كالموت لا حياة فيها ..
أتنتظرون أن يقوم الأغراب بذلك ؟!!
لا أريدهم ..أريدكم أنتم ..
أنتم أولادي ...لا هم ..
زوروني ..إلمسوني ...أنقذوني ...منكم استمد طاقتي لكي استمر بالوقوف على قدمي شامخاً كأنتم..

التوقيع :
باب النصر - حلب

 

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة