تعليم بلا معلمين

التعليم لا يهدف إلى مجرد جمع المعلومات وحفظها حفظاً صماً، وإنما تعلم أسلوب المحاكمة العقلية المنطقية في تفنيد الحجة والحجة المعاكسة للوصول للحجة المقبولة، وتعلم أسلوب تحصيل المعلومات وجمعها بشكل علمي وموثق، والرفض العقلي للقيل والقال والشائعات، والنقل غير العقلاني والتكرار الببغائي، وهو الأمر السائد حاليا خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 

وبعد ذلك تحليل هذه المعلومات ومحاولة فهمها وهضمها بهدوء وعمق وروية.

وأخيراً الربط بينها ربطاً منطقياً سردياً سلساً واضحاً مفهوماً كل ذلك ... للوصول إلى النتائج.

النتائج المطلوبة في كل نواحي الحياة بدءاً من تربية الأولاد وصولاً لعالم الأعمال مروراً بالسلوكيات اليومية الدائمة.
هذا الهدف في حال تحققه يميز ما بين الإنسان المتعلم وغير المتعلم.

إن كلمة متعلم مرتبطة بالعلم ارتباطاً لصيقاً، فإن بقي الانسان غير علمي وبقي نقلياً فلا يكون متعلماً حتى لو كان قد تلقى التعليم، ما دام الهدف الرئيسي من التعليم لم يتحقق كما ورد أعلاه، بل تم حشو دماغه بالمعلومات المتضاربة التي لا طائل منها.

وحينها يغلب على المتعلمن اللغو والحذلقات في الكلام لاستعراض ما حُشي به رأسه بعيداً عن الكلام المنطقي العلمي المفيد.

للأسف كثر المتعلمنون بدل المتعلمون، فصارت أهم العلوم الفكرية وهي الفلسفة -التي لا يمكن أن يقوم علم من العلوم دونها حتى علوم الكومبيوتر مثلاً- مسبة يشتم بها المرء ويقال عنه "مفلسف" و"عامل حاله فيلسوف" في إشارة للاستهزاء بكلامه. 

ما هو حال مدارسنا وجامعاتنا من هدف التعليم ذاك؟ وهل وصل المعلمون فيها بشخصهم وتعليمهم إلى هذا الهدف كي يستطيعوا ايصاله لطلابهم؟

محاولات وزارة التربية بإعادة بعض الأمور إلى نقطة الإنطلاق في الخمسينات من القرن العشرين الماضي،عندما كانت البكالوريا مثلاً تقسم الى فحصين ( بكالوريا أولى وبكالوريا ثانية) محاولات حميدة، كما إن محاولات البدء بالدراسة التخصصية من بداية المرحلة الثانوية -وهو المشروع المطروح حالياً - هو أمر حميد أيضاً، ولكن هل توجد لدى وزارة التربية الوسائل البشرية التي تستطيع النهوض بالحال ؟

بكل الأحوال أن تصل متأخراً جداً خير من أن لا تصل أبداً.

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة