عندما كان في حلب جزيرة وسط الماء

أخبرني الدكتور رياض بدرة أن جده المرحوم جرجي كسبار بالي صباغ كان يعمل بصباغة الخيوط وفي عام 1920م تم إخراج المصابغ من داخل أحياء حلب القديمة بقرار من البلدية فقرر هذا الرجل الذي كان يملك مصبغة في حي النيال أن يستأجر الطاحونة المائية القديمة المبنية على الجزيرة الصغيرة التي كانت في وسط مجرى نهر قويق في منطقة العزيزية ما بين جامع التوحيد ومطعم وانيس.

كان مجرى النهر يتفرع في هذه المنطقة إلى فرعين تاركاً جزيرة صغيرة كانت تسمى "الزيرة" فيما يبدو أنه اختصار لكلمة "جزيرة"، ثم يعود الفرعان ليلتقيا ويتابعا السير في مجرى واحد.

يمكن تبين موقع هذه الجزيرة في خريطة حلب المرفقة لعام 1929م، بنيت طاحونة أثرية على هذه الجزيرة كانت تستفيد من جريان الماء تحتها لتدوير أحجار الرحى لطحن الحبوب، ثم هجرت هذه الطاحونة مطلع العشرينيات من القرن الماضي لوصول الطواحين الآلية التي كانت تشتغل بطاقة الكهرباء.

استطاع جرجي كسبار بالي أن يستأجر هذه الجزيرة والطاحونة التي عليها والتي كانت ملك للأوقاف، فقام بتوسعتها وتحويل طابقها الأرضي لمصبغة خيوط تستفيد من مياه النهر اللازمة للصباغة أيضاً، كما قام بالسكن مع زوجته "اولغا كيلون"وأولاده في الطابق العلوي من المصبغة.

في النهار كانوا يصبغون الخيوط وينشرونها لتجف في البستان المحيط بالمصبغة على أرض الجزيرة وفي المساء كانوا يحولون البستان لمقهى "الزيرة" الذي تحف حوله مياه النهر.

عندما توفي جرجي كسبار بالي في الثلاثينيات تم إغلاق المصبغة وعادت زوجته وأولاده للسكن في داخل أحياء المدينة.

بقيت المصبغة مغلقة والجزيرة غير مستعملة حتى باشرت بلدية حلب عام 1946م أعمال تحويل مجرى النهر وبناء مجرى جديد بعد تعمير أطرافه بالحجر السوري وبناء جسر حجري عليه فتقرر إزالة تفرع النهر وإلغاء موقع الجزيرة وهدم بناء الطاحون والمصبغة.

لمشاهدة خريطة مدينة حلب عام 1929م بدقة عالية , انقر هنا

بقلم المحامي علاء السيد

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة