جريدة "الجهاد" الفلسطينية 1939م لصاحبها محمد المسلمي

في نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين ومع بداية الحرب العالمية الثانية توضحت النوايا الانكليزية بمنح اليهود المزيد من الوجود الشرعي على أرض فلسطين.

وقد كان لهذه الجريدة التي نطقت بلسان مفتي القدس الحاج أمين الحسيني واسماها الجهاد الدور الأكبر في نقل وجهة نظر الحسيني وجماعته إعلاميا ولذلك تعتبر هذه الجريدة مصدر هام للمعلومات التوثيقية عن فكر هذا الرجل المثير للجدل والذي تم اتهامه لاحقا بالعمالة للمخابرات الايطالية والنازية وبالانتساب للماسونية وبل تم اتهامه بأنه كان صنيعة للمخابرات الانكليزية. ومن يقرأ سيرته ىالذاتية يجد أنه كان كعملاء المخابرات في السينما الهوليودية فقد كان لسماحة المفتي الأكبر الحاج أمين أفندي الحسيني الدور الأهم بتزعم الحركة الوطنية الفلسطينية ذات التوجه الاسلامي، تعلم هذا الشيخ وهو من مواليد 1895 في مدارس الفرير ماريست بالقدس وهي احدى مدارس الإرساليات الفرنسية الكاثوليكية كما درس بعدها في الأزهر.

وفي عام 1915 التحق بالكلية الحربية بإسطنبول التي تخرج فيها برتبة ضابط صف.

بعد وفاة مفتي القدس كامل الحسيني أخو أمين الحسيني الأكبر، تم تعيين أمين الحسيني كمفتي للقدس ولم يكن قد وصل لسن الخامسة وعشرين عاما وفي القاهرة عام 1928 التقى أمين الحسيني حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين المصرية، وبدأ نشاطه بعدها في فلسطين بالتعاون مع جماعة الاخوان المصرية، مع بدايات الحرب العالمية الثانية سرعان ما طاردته السلطات البريطانية فانتقل للبنان حيث تقرر السلطات الفرنسية القبض عليه ونقله للسجن، فيهرب إلى العراق، وهناك يشجع الضباط العراقيين على الثورة، وتقوم ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1941م، ويناصر المفتي الثورة، ويشترك معه مجموعات فلسطينية على رأسها عبد القادر الحسيني الذي يشترك في مقاومة التقدم الإنجليزي في العراق، ومع بشائر الفشل للثورة ضد الانكليز استطاع التواصل مع المخابرات الايطالية التي نقلتهه إلى روما حيث التقى موسوليني وشرح له عن افكار الاخوان المسلمين ثم انتقل لالمانيا حيث التقى هتلر ويقال أن المخابرات الألمانية جندته للعمل معها ضد الانكليز بسرية.

استطاع المفتي الهروب من ألمانيا في اللحظات الأخيرة قبل سقوط برلين، وتم القبض عليه في فرنسا، وقضى يومين في زنزانة مظلمة، ولكنه تقدم للضابط المسئول وعرَّفه بنفسه ومكانته، وطالب أن يعامل بالشكل اللائق، وبالفعل انتقل لمنزل جنوب باريس، وعندما أعلن عن وجوده في فرنسا، بدأت المطاردة له من السلطات البريطانية والأمريكية، والصهيونية داخل فرنسا، ورفضت فرنسا أن تسلِّمه بسبب خلافها مع المصالح البريطانية والأمريكية، وحرصًا على عدم استثارة المشاعر الإسلامية، وتدخل ملك المغرب ورئيس تونس أثناء وجودهما في باريس، وطالَبَا باصطحاب المفتي معهما، وتدخلت الجامعة العربية، ورئيس باكستان محمد علي جناح، من أجل سلامة المفتي، ورفضت فرنسا. وبدأت المقايضة الأمريكية مع مشروعات إعادة إعمار فرنسا بتمويل أمريكي، وقبل أن تقرر فرنسا تسليمه لأمريكا استطاع أن يهرب المفتي من فرنسا عن طريق استخدام جواز سفر لأحد أنصاره في أوروبا، وهو الدكتور معروف الدواليبي بعد استبدال الصورة.

ونجح المفتي في الوصول إلى القاهرة عام 1947م، ويظل متخفيًا بها عدة أسابيع حتى استطاع أن يحصل على ضيافة رسمية من القصر الملكي تحميه من المطاردة الدولية لشخصه.

ويبدأ الحاج أمين الحسيني في تنظيم صفوف المجاهدين من القاهرة، وتدخل القضية الفلسطينية طورها الحرج، وتعلن الأمم المتحدة مشروع تقسيم فلسطين، وتعلن دولة إسرائيل، ويرأس المفتي الهيئة العربية العليا لفلسطين، وتبدأ الحرب، وتنتهي الحرب بهزيمة الجيوش الدول العربية، وما إن يتخلص المفتي من بعض القيود حتى يسرع لعقد المؤتمر الفلسطيني في القدس ليعلن استقلال فلسطين وقيام حكومتها، ولكن مصر تعتقل المفتي وحكومة عموم فلسطين وتحدد إقامتهم في القاهرة.

ومع قيام الثورة في مصر عام 1954م تقرب المفتي من عبد الناصر ، يبدأ المفتي في تنظيم الأعمال الفدائية على كافة الجبهات، وتستمر العمليات حتى عام 1957م.

ويمثل المفتي فلسطين في تأسيس حركة عدم الانحياز عام 1955م في مؤتمر باندونج، ولكن تدريجيًا يتم تقييد حركته السياسية ووقف العمل الفدائي من عام 1957م على معظم الجبهات، وتظهر خطة التسوية مع أعوام 1959م، 1960م والمعروفة بخطة همر شولد، وينتقل الحاج أمين الحسيني إلى بيروت عام 1961م، وينقل إليها مقر الهيئة العربية العليا.

وتبدأ خطة عربية بإنشاء كيان بديل للهيئة العربية العليا، وتبدأ بإصدار قرار من جامعة الدول العربية بإنشاء كيان فلسطيني عام 1963م، وينشأ الكيان تحت رعاية مصر باسم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م، ويعين رئيساً له أحمد الشقيري الذي يخضع للتوجهات العربية، وبعد نكسة عام 1967م، يبدأ الحسيني من جديد نشاطه من أجل القضية، موضحاً موقفه الثابت أن القضية لن يتم حلها إلا بالجهاد المسلح، ويستمر الرجل في نضاله واستمر نشاطه حتى آخر أيام حياته وكانت علاقته ممتازة بياسر عرفات وفي بداية السبعينات زوج المفتي حفيدته لإبن ياسر عرفات بالتبني علي حسن سلامة. توفي عام 1974م.

للحصول على المجلد النادر من جريدة الجهاد الفلسطينية لعام 1939
 

طباعة