السنة الأولى من مجلة الضياء 1898م لصاحبها ابراهيم اليازجي

كتب د. وائل ابراهيم الدسوقي : ولد ابراهيم اليازجي في بيروت عام 1847، وعمل في تدريس اللغة العربية بالمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك في بيروت، وتولى تحرير جريدة النجاح عام 1872، واشتهر اليازجي بالبحث في اللغة العربية وانتقاد ما يكتب بها، وقد نال شهرة وتقديرا كبيرا من معاصريه، وعلى الرغم من ذلك اتهمه البعض بالصلف والغرور. 

وحين عمد الآباء اليسوعيون إلى ترجمة الكتاب المقدس للغة العربية استعانوا به وانتدبوه لذلك، فقام شيخنا بتنقيح العبارات من حيث الإنشاء والسبك وانتخاب الألفاظ والمعاني، وبعد أن انتهى من تنقيح الكتاب المقدس عاد إلى مصر وأصدر مجلة البيان مشتركا مع الدكتور بشارة زلزال، واستمر في إصدارها لمدة عام.

ولقد التزم اليازجي القومية العربية وعمل في سبيل إحيائها وإذكائها في قلوب الناشئة العرب، وبث الروح العربية المتوثبة في الشباب المثقف المتعطش إلى الحرية، وكان يعمل على استقلال البلاد العربية، وكان يتمنى دائما أن يرى الدول العربية مستقلة عن الدولة العثمانية، فانخرط في سلك الجمعية العلمية السورية، التي نشأت في بيروت عام 1868، وكان ينظم القصائد التي ألهبت هذا المحفل، وفي إحدى قصائده التي ألقاها في الجمعية قال: تنبهــــوا واستفيقــــوا إيهــــا العـــرب ... فقد طمي الخطب حتى غاصت الركب.

ومن المعروف أن اليازجي أعجب بالمبادئ الماسونية ومحافلها، التي ضمته إليها وأخذ يروج لها ويكتب عن مبادئها (الحرية والإخاء والمساواة).. وفي عام 1898 قرر إنشاء مجلة علمية ثقافية، أطلق عليها اسم (مجلة الضياء ).

استمر اليازجي في إصدار الضياء مدة ثماني سنوات، حتى أصيب بالمرض وتوفي على أثره في عام 1906 بالقاهرة، ونقل جثمانه إلى بيروت ليدفن فيها، وتوقفت بعد ذلك المجلة عن الإصدار نهائيا..

كتب سيف نجاح أبو صيبع عن مجلة الضياء فقال :

مثلت مجلة الضياء حالة من الانفتاح الفكري في حرية الرأي والرأي الاخر خلال مدة صدورها من عام 1898 وحتى توقفها عام 1906م.

اذ برزت على صفحاتها اتجاهات فكرية واصلاحية،  عمل على المساهمة في كتابتها وتوضيح مضامينها مجموعة من رواد حركة النهضة العربية الحديثة مثل صاحبها ابراهيم اليازجي ,وجرجي زيدان , ولبيبة هاشم , الذين  اتسمت مقالاتهم بالموضوعية والجرأة في ابداء آرائهم .

اظهرت الضياء بعدًا نهضويًا كان يعد وفق مقاسات الحقبة التي ظهرت فيها تطورًا ملموسا في تاريخ الصحافة العربية ,ظهر ذلك في معالجاتها الكثيرة لقضايا متنوعة عاصرتها المجلة .

 لذا كانت من بين المصادر الرئيسة للواقع الذي عاصرته وارتبطت بقضايا البلاد العربية والشرقية .

عالجت المجلة امورًا كانت تعد غاية في الاهمية آنذاك تمثلت بالميادين الاجتماعية والتربوية والاخلاقية 

( يمكن تبين مواضيع المجلة من الفهرس المنشور المرفق )

تلك الامور التي اعتبرتها اساس نهضة المجتمعات التي حاولت بهذا التنظير اصلاح اوضاعها المتردية من فقر وجهل ومرض واستعمار .

اظهرته على شكل مقالات تنشر الوعي بأهمية الاخذ بالقيم الاخلاقية والتربوية والاجتماعية الصالحة كأساس يقوم عليه تنمية ابناء تلك الشعوب .

وهو ماحملته بين ثنايا صفحاتها ؛ فكانت الصوت الاصلاحي المتطلع الى التقدم والنهوض بالواقع البائس فتجسدت صفحاتها ميدانا رحبا لأقلام كبار مصلحي العرب وبناة افكارهم .

كما نقلت الى جمهور قرائها باستمرار اخبارًا ومقالات مترجمة عن التقدم والتطور الغربي ,في الوقت الذي انتقدت فيه حرص بعض الفئات الاجتماعية البقاء على مظاهر التخلف والجمود الفكري تحت ذرائع وحجج واهية رأت بطلانها 

وبينت توافق كل تعاليم الاديان مع ما احرزته الحضارة الاوربية من تطور في ميدان العلوم سيما الطبيعية منها 

داعية الى الاستفادة منها كونها تسهم بنهضة المنطقة المصرية والعربية وتشكل علاجا ناجعا لها حسب وصفها

 ومن هنا انطلقت وبقوة بنشر تلك المقالات التي تسلط الضوء على العلوم الطبيعية في محاولة منها لكسر الاتجاه التقليدي في العلم في البلاد العربية والذي يرتكز وقتذاك على المواد الدينية حصراً , وهو مايحول بنظرها الى عدم التجديد في الفكر العلمي 

فكان نشرها مقالات حول موضوعات علمية كعلم الفضاء او علم الرياضيات والفيزياء والكيمياء يشكل اولى تباشير المحاولات النهضوية في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ومنها الى البلاد العربية الاخرى في تاريخ  صحافة مصر والمشرق العربي  الحديث . 

للحصول بصيغة pdf على مجلد السنة الأولى  1898 من مجلة الضياء لصاحبها ابراهيم اليازجي

طباعة