شكوى وآمال مرفوعة إلى جلالة السلطان عبد الحميد خان - بقلم الدكتور شبلي شميل 1896م

كتيب "شكوى وآمال مرفوعة إلى جلالة السلطان عبد الحميد خان"  بقلم الدكتور شبلي شميل 1896.

نقدم لكم الكتيب النادر جداً "شكوى وأمال"  الذي أصدره الدكتور شبلي شميل عام  1896وأعادت صحيفة المقطم نشره على حلقات في الاعداد التالية: 8، و11، و12، و13، و14، آب 1908. وذلك في اعقاب إعلان الدستور.

انتقد الدكتور شميل في هذا الكتيب الصغير السلطنة العثمانية والسلطان عبد الحميد نقداً لاذعاً مغلفا بعبارات لعلها تحمي كاتبها.

وعلى اعتبار أن الكاتب كان مقيم في مصر التي كانت تحت سلطة الخديوي و الانكليز فلم تصل يد السلطان للمؤلف.

يعتبر هذا الانتقاد لسياسة السلطنة ولعبد الحميد عملا فريدا في جرأته في ذلك الوقت  وقد صاغ الشكوى على هيئة خطاب مفتوح إلى السلطان وقال فيها :"ليس  من ينكر أنّ الأمّة العثمانية قد تقهقرت جداً في حين أن الأمم الأخرى بلغت  شأواً بعيداً في الرفعة... فما هو السبب الذي لأجله هي آخذة في الارتفاع  ونحن آخذون في الانحطاط؟ " ص 9 و10.

يجيب  شميّل أنّ : "سبب تأخرنا وتداعي الملك هو فقدان العلم والعدل والحريّة من  المملكة. اركان ثلاثة من دونها لا يعتز ملك ولا تسود أمّة" ص 10. ويتابع :" فإذا سُلبت الحريّة من أمّة امتنع العدل، واذا امتنع العدل، يقع الظلم  واذا انتفى العدل وساد الظلم، ينطفئ نور العلم. 

واذا كانت الامّة مؤلفة من  اديان مختلفة فهناك الطامة الكبرى لأن الجهل يثير نار التعصب فيها وينسيها  جامعتها الوطنيّة ويبعثها على تمزيق شملها بأيديها " .ص 11

وقد شن شبلي شميل هجوما عنيفا على السياسة الاستبدادية للدولة وعلى الأخص  تكميم الأفواه والتنكيل بالخصوم والزج بهم في السجون، وبث الجواسيس لتصيد  الأخبار في المدن وقد أخذ عددهم في التزايد حتى أضحت عاصمة الخلافة أشبه : «بمغارة لصوص لا يأمن الإنسان فيها على نفسه طرفة عين» ص 15

ويجعل شبلي شميل من افتقاد الحرية  السبب الرئيس لما أصاب الدولة وبقية الأسباب هي فروع عن هذا الأصل، ويفسر  ذلك بأننا : " إذا نظرنا إلى حالة البلاد وجدنا الحرية مسلوبة لا يجسر أحد أن  يرفع شكواه ويُفضي بما ألمّ به، ومع استلاب الحرية يغدو تحقق العدل مستحيلا  لعدم معرفة مواضع الخلل في الأمة بسبب عدم الإصغاء إلى شكايات أهلها  ولانفراد الحاكم وأمنه من مراقبة الأمة فيصبح مطلق الرأي والتصرف، وإذا  انتفى العدل وساد الظلم انطفأ نور العلم لأن النفوس التي أُشربت الظلم  تنصرف عن الإتيان من الأعمال الجليلة ويستغرقها الجهل، وعندئذ تكثر الفتن  وخاصة إذا كانت الأمة مكونة من أديان مختلفة حيث يثير الجهل التعصب الديني  ويُنسيها جامعتها الوطنية" .ص4-5

ولا يكتفي شميل بتلك الأسباب المتعاضدة المتعلقة بغياب الحرية وما ينجم  عنها وإنما يضيف إليها سببا آخر وهو فساد «نظام الأحكام» أو نظام الحكم  مرجحا أن الانتحاء باللائمة عليه أفضل من «إلقاء تبعة ذلك على جلالتكم وبئس  المصير» ص 16، إذ على الرغم «أن العلم تقدم بعض الشيء في المملكة العثمانية في هذه  السنين الأخيرة، ولكن شتّان بين تقدّمه عندنا وتقدمه عندهم، بل شتان بين  عدلهم وعدلنا وحريتنا المسلوبة وحريتهم المطلقة» ص 6 

ولعلة تقدم الآخر وتفوقه المطلق يصير السؤال المطروح لديه هو «لماذا لا نتخذهم مثالا وقدوة في كل شيء؟» ص 16.

الشاعر والمفكر اللبناني الكاثوليكي الدكتور الطبيب شبلي شميل من مواليد لبنان 1853م، الذي رفع شعاراً أساسياً: "الحقيقة ان تقال لا ان تُعلم".

درس في المدرسة اليسوعية في عينطورة، وأتقن اللغتين الفرنسية والإنكليزية إلى جانب العربية. ثم درس الطب في الكلية الأميركية ببيروت وتخرّج عام 1871. عاد وتخصص بالطب في باريس لمدة سنتين ثم  انتقل للاستانة وقدم امتحانا في الطب ونجح فيه ، استقر بعدها في مصر عام 1879م وأصدر مجلة الشفاء 1885م، حكم عليه بالإعدام غيابيًا أثناء الحرب العالمية الأولى من المجلس العرفي التركي المنعقد في لبنان.

من اقواله:

"كن  شديد التسامح مع من يخالفك في رأيك، فإن لم يكن رأيه كل الصواب، فلا تكن  أنت كل الخطأ بتشبثك. وأقل ما في اطلاق حريّة الفكر والقول، تربيّة الطبع  على الشجاعة والصدق، وبئس الناس اذا قسروا على الجبن والكذب"

 توفي شميل في القاهرة عام 1917م.

إن هذا الكتاب المعاصر لفترة ازدهار حكم السلطان عبد الحميد يعتبرا مصدرا مباشرا موثوقا للبحث في حقيقة الأمور التي كانت تجري في تلك الفترة بمعزل عن عمليات التجميل و التلميع التي انطلقت بما يخص السلطان عبد الحميد في مطلع السبعينات من القرن العشرين على يد جهات ذات توجه إسلامي سياسي .

للراغبين بالحصول على مجلد "شكوى وآمال مرفوعة إلى جلالة السلطان عبد الحميد خان"  المؤلف من 25 صفحة في ملف pdf

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة