تشير سلسلة من الأبحاث التي أجرتها ” كلية لندن” بدءاً من سبعينيات القرن العشرين الى أن مهد اكتشاف مادة الزجاج كان في سوريا.
وتقول تقديرات العلماء أنه قبل ثلاثة آلاف وخمسمائة عام في العصر البرونزي الحديث وخلال عمليات صناعة البرونز عبر صهر فلزات النحاس وإضافة القصدير إليها ظهرت قطرات من مادة زرقاء على أطراف النيران الموقدة للصهر.
ويقدر العلماء أن عمليات الصهر هذه كانت على ضفاف نهري الفرات والعاصي وعلى السواحل السورية للبحر المتوسط حيث تتواجد الرمال والحصى البيضاء.
وهذه القطرات الزجاجية الزرقاء التي تعتبر نواة اكتشاف صناعة الزجاج كانت نتيجة لتعرض الرمال والحصى البيضاء الموجودة على الضفاف الى درجات حرارة مرتفعة اثناء ايقاد النيران لصهر النحاس.
الإشكالية العلمية في ذلك الوقت كانت أن الرمال تحتاج الى حوالي ألف وتسعمائة درجة مئوية حرارية لكي تذوب ويبدأ الزجاج بالتشكل منها وهذه الحرارة لا يمكن الوصول إليها بتقنيات ذلك الزمن.. فكيف تم الأمر؟
تبين للعلماء أنه في حال تم استعمال نبات ” الشنان” الذي يتواجد حصراً في البادية السورية وفي أماكن أخرى قليلة بالعالم كأفغانستان، في حال استخدامه كوقود حطبي لإيقاد النيران فإن له خاصية تخفيض درجة حرارة ذوبان الرمال الى تسعمائة درجة مئوية فقط، خاصة بعد تحوله الى رماد وامتزاجه بالرمال وفي هذه الحالة كان من الممكن الوصول لدرجة الصهر هذه في ذلك الزمن.
وكانت القطرات الزجاجية الاولى زرقاء لوجود أوكسيد النحاس في عمليات صهر النحاس خلال العصر البرونزي الحديث في القرن السادس عشر قبل الميلاد، ثم استطاع الصناع انتاج الزجاج الابيض الحليبي اللون.
فكانت هذه القطرات الزجاجية الزرقاء بديلاً عن الأحجار الزرقاء الكريمة التي كانت تسمى ” اللازورد” التي كانت ترد من أقصى شرق آسيا وتعتبر حجارة ثمينة مقدسة.
وتطور استخدام هذه القطرات الزجاجية الزرقاء تدريجياً لتحويلها إلى “خرز” يستخدم في الحلي بديلاً عن الحجارة الكريمة وكانت قيمة هذه ” الخرزات” كبيرة ولا يستطيع ان يقتنيها إلا علية القوم.
وكانت الأواني المنزلية قديماً من المعدن أو من الفخار الذي تطور الى الخزف والبورسلين، لم يكن الزجاج مستعملاً في الأواني المنزلية، استغرق الأمر حوالي ألف وخمسمائة عام تالية لاكتشاف السوريين آليات نفخ الزجاج وتحويله الى أواني زجاجية حوالي عام خمسين قبل الميلاد حسبما تشير اللقى الاثرية في مناطق مدينة صور.
ولم يستطع غير السوريين فهم آلية صناعة هذا الزجاج بعدما حافظ السوريون على سر هذه الصناعة حتى حوالي عام ستمائة ميلادي، خاصة أن نبات الشنان لا يتواجد سوى في البوادي السورية وبعض بوادي آسيا الوسطى كأفغانستان وبدون هذا النبات لا يمكن صهر الرمال.
الشنان هو ذات المادة القلوية التي كانت تستعمل في صناعة صابون الغار. والتي تسمى حالياً ” الصفية” وهي رماد نباتي وكان يباع لدى محلات العطارة بحلب.
واحتكر السوريون تجارة مادة الزجاج الخام الذي كان يُصدر الى جميع أنحاء العالم على شكل سبائك تشابه السبائك الذهبية المكعبة حيث يعاد تشكيله بعدها بشكل أواني بدرجات حرارة عادية، او بشكله المصنع كأواني وغيرها، وقاموا بتصديره لأرجاء العالم لفترة طويلة مع احتفاظهم بسر صناعته، علماً أن اكتشاف الزجاج الشفاف تأخر كثيراً حتى القرن الخامس عشر الميلادي.
ومن الجدير بالذكر أن المرايا في العصور القديمة كانت من المعادن المصقولة ولم تكن من الزجاج خاصة لعدم توفر الزجاج الشفاف إلا في فترة متأخرة تاريخياً، ويحق للسوريين الفخر بأنهم قدموا للإنسانية هذا الاختراع الذي لا يقل أهمية عن الاختراعات العظمى في التاريخ.
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
عندما بدأت الحملة الممنهجة لتبييض صورة السلطان عبد الحميد عمدت بعض الكتابات العربية للترويج لقصة اليهود الدونمة ومحاولتهم شراء أجزاء من فلسطين ورفض السلطان عبد الحميد لذلك بطريقة بطولية مما دعا هؤلاء لخلعه المزيد
جاء في الفصل الأول المعنون : الشخصية الحميدية من كتاب "أوهام الذات المقدسة السلطان عبد الحميد لمؤلفه المحامي علاء السيد وذلك تحت تحت عنوان : رقابة المطبوعات الحيوية المزيد
اعتمد كتاب"أوهام الذات المقدسة، السلطان عبد الحميد الثاني" على حوالى 78 مصدرا ومرجعا و على ما نشر في حوالى 17 جريدة ومجلة من أخبار ومقالات متعلقة بما ورد في الكتاب المزيد
الفهرس 6 , مقدمة 9 , تمهيد 11 , الفصل الأول: الشخصية الحميدية 29 , طفولة سلطان 31 , شروط مدحت 33 المزيد
أفرد كتاب "الذات المقدسة ، السلطان عبد الحميد الثاني" فصلاً كاملاً بعنوان : "السلطان عبد الحميد وقضية فلسطين" في 56 صفحة فيها 116 اشارة توثيقية مرجعية المزيد
لإيفاء دراسة شخصية عبد الحميد حقها، يجب أن نعي تماماً أن هذه الشخصية تطورت وتعقدت خلال ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاماً من الحكم، المزيد
إن الاستيطان اليهودي في فلسطين زمن الدولة العثمانية حتى نهاية عهد السلطان عبد الحميد وقبل عهد " الاتحاد والترقي" بُني على طريقتين المزيد
مقالة نقد كتاب أوهام الذات المقدسة بعنوان : السلطان عبدالحميد الثاني، بين الكتابة الصحافية وغياب منهجية البحث العلمي. والرد على المقال . المزيد