لم تكن رحلات التجار الأوربيين لبلاد المشرق رحلات سياحية بل كانت رحلات استكشاف اجتماعي واقتصادي لبحث طرق تحقيق المصالح الاقتصادية لبلادهم لذلك نرى تدفق الرحالة البنادقة والفرنسيين والانكليز والالمان لبلاد الشرق الاوسط وكتابتهم تقارير دقيقة عن كافة الاوضاع السكانية والدينية والسياسية و الاقتصادية والعادات الاجتماعية وبشكل وصف دقيق اشبه بالتقارير الاستخباراتية الحالية والتي كانت تصدر لاحقا بشكل كتب تطرح بين ايدي صانعي القرار تمهيدا لايجاد السبل للسيطرة الاقتصادية على طرق التجارة الدولية التي تستهدف بالدرجة الاولى الهند والصين في ذلك الزمن المبكر وبناء على هذه الكتب تم وضع استراتيجيات السياسة الاستعمارية التي تجلت في بلادنا بالذات مطلع القرن العشرين.
كاسبارو بن ترانكويللو بالبي Gasparo Balbi هو تاجر جواهر من فينيسيا قطب التجارة الدولية في القرن السادس عشر الميلادي، ولد عام 1550م في البندقية من أسرة بالبي العريقةُ في ميدان التجارة، وقد عمل تاجراً وسافر إلى عدة مناطق في الشرق الأوسط والشرق الأقصى سعياً لفتح طرق التجارة وتوسيعها للحصول على التوابل والأحجار الكريمة بأسعار منافسة للسوق العالمية الرائجة في ذلك الوقت.
فاتح كاسبارو تاجرين معروفين من مدينته ليقرضاه بضائع مرغوبه في الشرق ليتاجر بهما في بلاد الشام لقاء احجار كريمه يحصل عليها هناك ليرسلها إليهما، فاقتنعوا بة ولبيا طلبه، فتسلم ما مقداره 1044 دوقية، وشد الرحال إلى الشرق نحو عام 1576 وهو في عز شبابه. كانت المحطة الاولى للتجار الفينيسيين نحو الهند تقع في حلب غادر بالبي حلب في 13 كانون الأول 1579 م وسلك طريق الفرات النهري فوصل إلى الفلوجة في 21 شباط 1580 ، ثم غادرها إلى بغداد فالبصرة ومن هناك إلى الهند وسيلان، وسجل أحداث رحلته التي اهتم فيها بالموازين والمقاييس والنقود المتداولة والرسوم.
مرت الأيام والسنون والتاجران ينتظران على احر من الجمر وصول نتائج رحلة بالبي لفتح طرق جديدة لتجارة الاحجار الكريمة مع المشرق ولكنهما يستلما اي خبر من بالبي فتسربت الشكوك إلى نفسيهما وعيل صبرهما، وكتبا إلى صديق لهما في حلب يخولانه بالبحث عن بالبي ومقاضاته.
كان بالبي بعدما امضى سنوات طويلة في رحلته توفي خلالها شريكاه الفينيسيين قد عاد بعد عدة سنين لفينيسيا واصاب ثراء كبيرا هناك.
توفي بالبي عام 1624م عن عمر تجاوز السبعين عاما.
طبع كتابه أول مرة في عام 1590م في البندقية على يد الناشر كاميليو بوركومينيري في 159 صفحة، وأسماه (رحلة إلى الهند الشرقية-الجوهري البندقي كاسباروبالبي).
وفي عام 1605م ترجمت الرحلةُ إلى الألمانيه في فرانكفورت ثم إلى اللاتينية والهولندية، وترجمت الرحلةُ إلى الإنجليزية وطبعت في لندن عام 1625م ونشرت في لندن مرة اخرى على هيئة اجزاء صغيرة عام 1706 وفِي القرن العشرين نشرت في الإيطالية ضمن سلسلة عنوانها (ramusio). وترجمها إلى العربية الأب بطرس حداد عام 1985.
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
لا تزال الأسئلة والتكهنات كثيرة حول نشوء تنظيم "الماسونية" السري والذي يعرف باسم "عشيرة البناؤون الأحرار"، ومن الروايات الشائعة عن نشأة الماسونية المزيد
لم يثر رجل الجدل كما أثاره جرجي زيدان، فمنهم من اعتبره باحثاً وأديباً وصحفياً موسوعيا ومجدداً في إسلوب الطرح التاريخي، ومنهم من اعتبره مخرباً مزوراً للتاريخ عامة وللتاريخ الإسلامي خاصة المزيد
قلة يعرفون أن اسكندر فرح و هو من مواليد دمشق سنة 1851م حاز أعلى الدرجات الماسونية في تلك الفترة المبكرة من تاريخ سوريا و حقيقة الأمر أنه عندما تعين مدحت باشا المزيد
في مطلع العشرينات نشطت حركة بناء العقارات في محلة العزيزية سواء بهدف السكن أو التجارة. قام عدة أثرياء ببناء أبنية سكنية تشابه القصور للسكن فيها. المزيد
عند انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918، انسحبت القوات التركية وحلفاءها الألمان من سوريا، و قد كان تعدادهم قد وصل إلى عشرة آلاف جندي ألماني، وخمسة عشر ألف جندي تركي، وحوالي اثنا عشر ألف جندي عربي موالين للعثمانيين المزيد
يعتبر بيت الخواجة فتحي انطاكي من أهم واقدم البيوت في محلة العزيزية، وتعود قصة بناء هذا البيت للقرن التاسع عشر عندما أدرك ثلاثة من تجار حلب في الربع الأخير من القرن التاسع عشر أن فرصة الربح كبيرة في حال المتاجرة بالاراضي المعدة المزيد