يعتبر "المعلم" الماروني اللبناني بطرس البستاني ( 1819- 1883) أحد واضعي أسس اللغة العربية "الفصحى" الحديثة التي انتشر التداول بها بين عامة الناس كلغة موازية للغة المحكية مع مطلع القرن التاسع عشر بعدما انتشرت الكتب والمجلات المطبوعة بين عامة الناس.
كانت الطباعة هي الوسيلة الوحيدة لنشر الثقافة لدى العامة باللغة العربية " الفصحى" التي بدأ إعادة صياغة أصولها من جديد على يد جرمانوس فرحات ومن تلاه كناصيف اليازجي وبطرس البستاني.
تمت ترجمة الكتاب المقدس للغة العربية للمرة الأولى سنة 1865م وتمت طباعته بالأحرف العربية وقام بهذه الترجمة الشيخ ناصيف اليازجي وبطرس البستاني وآخرون.
في عام 1840 م بدأ تواصل بطرس البستاني مع الإنكليز في بيروت ثم تعرّفَ على الأميركي الدكتور ( كرنيليوس فانديك ) الذي كان يعمل مع الإرساليات الأميركية في بيروت في التبشير بالمذهب البروتستانتي، الذي أسّس مدرسة سنة 1846 درّس فيها بطرس مدة سنتين، ألّفَ في خلالها باكورة أعماله وهوكتاب: "بلوغ الإرَب في نحو العرب" والذي لم يطبع.
خلال ذلك قام بتأسيس جمعية الآداب والعلوم عام 1847م مع صديقه الشيخ اللبناني ناصيف اليازجي الذي تتلمذ على يد راهب ماروني وحفظ القرآن الكريم والشعر الجاهلي وقرض الشعر.
في عام 1859م ألقى البستاني محاضرة بعنوان "آداب العرب" ونشرت البعثة الأمريكية في بيروت المحاضرة في كتيب خاص، أثار ضجة كبيرة ولاقى صدى واسعاً بين الناس، تطرق البستاني في محاضرته الى قضايا لغوية هامة كتطوير علم الصرف والنحو، وتقريب اللهجة العامية من اللغة الفصحى، فقال:
"إذا لم تقترب الفصحى من اللغة الدارجة، فان هذا سيؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها"، وقال: " وهكذا تولّدت، عند العرب، لغة دارجة بينهم تختلف كثيراً عن لغة الكتب. وهذه اللغة الدارجة تتهدّد دائماً اللغة الأصلية. وإذا طال الحال عليها هكذا تُميت كثيراً من ألفاظها فوق ما أماتته، ولكن ازدياد عدد المدارس والمكاتب والمطابع في هذه الأيام، وأملنا بالزيادة على زيادتها في ما يأتي يجعلان لنا شيئاً من الطمأنينة من هذا القبيل.".
في عام 1860 م عمل بطرس البستاني مترجماً في القنصلية الأمريكية ببيروت وأسس جريدة " نفير سورية".
ثم بدأ بطرس البستاني بإصدار سلسلة من المجلات والصحف كال" الجنان والجنة والجنينة" لتنشر الفكر بواسطة اللغة العربية "الفصحى" لدى عامة الناس ممن بدأوا بإفراز طبقة المثقفين الذين يتكلمون هذه اللغة ويأنفون من اللغة "المحكية" التي وصمت بأنها لغة العوام وسميت باللغة" العامية".
مجلة الجنان النصف شهرية التي انطلقت كمجلة سياسية علمية أدبية تاريخية تحت شعار "حب الوطن من الايمان"
نشرت أيضا مجموعة من الرسائل التي وردت اليها من حلب بشكل مقالات تعكس واقع حلب عام 1871.
ومنها أيضا مقالات كتبها الحلبي فرانسيس مراش وشقيقته مريانا مراش وتعتبر المجلة مرجعا هاما لفهم الطريقة الحديثة حينها في طرح المواضيع الثقافية والتي استطاعت تحويل الاتجاهات الفكرية الثقافية في المنطقة كاملة. ويمكن الاطلاع عبر الفهرس المرفق على عناوين مواضيع مقالات هذا المجلد
عمدت عدة جهات لنسخ هذه الاعداد وجعلها متاحة للعموم وعملنا في دار الوثائق على اعادة تبويبها وتصنيفها وإعدادها للتحميل.
وكنا قد نشرنا سابقاً عن المجلد الأول النادرمن مجلة الجنان لعام 1870
للراغبين بالحصول على المجلد الثاني النادر من "مجلة الجنان" عام 1871م