ربما كان  شخص السهروردي الذي عاش في حلب واستشهد فيها قبل حوالي ثمانمائة عام هو المثل المطابق الأوضح لشخص عبد الفتاح رواس قلعجي.

كلاهما أصحاب طريقة فلسفية ونتاج فكري غزير وهام على مستوى النتاج الفكري الأنساني، عاشا في حلب وعشقاها وكلاهما حوربا ولم يأخذا حقيهما ولم ينتشر انتاجهما الفكري التنويري.

السهروري كان معلما لملك حلب الظاهر غازي بن صلاح الدين فقربه الملك منه وتعلم عنه ولكن حاشية الظلام حاربته وشوهت سمعته وانتهى به الأمر مقتولا جسديا .

عبد الفتاح رواس قلعجي حاربت انتاجه قوى الظلام الفكري وحجبت اشراقاته الفكرية وحاولت قتله معنويا حتى يكاد معظم أهالي مدينته حلب لم يقرأوا له أو لم يعرفوا عنه.

لهذا السبب اجاد القلعجي عندما كتب سيرة السهروردي فكان كتابه الهام الذي تعرضه دار الوثائق للتحميل المجاني للمهتمين بمعرفة رجال مدينتهم.

لقب الناقد الجزائري "علاوة وهبي " الكاتب عبد الفتاح رواس قلعجي بلقب "سيد الكتابة المسرحية في سوريا الآن" في موقع المسرح نيوز يتابع وصفه قائلا :.....

عبد الفتاح رواس قلعه جي من مواليد حلب عام 1938.أطال الله في عمره .لم يتوقف عن الكتابة وهو في هذه السن إذ نشر مؤخرا نصا جميلا في موقغ “المسرح نيوز “بعنوان (هي التي رأت) وفيه لم يحد عن مساره في الكتابة المسرحية التي ربما تعد أطول منها عن أي كاتب اخر في البلاد العربية علي الاقل ، كما أن له كم كبير من النصوص التي وجد بعضها طريقه إلي ركح المسارح في دول عربية وفي سوريا.

الأستاذ عبد الفتاح قلعه جي خريج الآداب .

اشتغل في التعليم لفترة زمنية ثم تولي مهمة الإشراف علي البرامج الثقافية في الإذاعة 

وقد بدأ حياته الأدبية شاعرا  ربما هو في ذلك مثل الكثير من الكتاب والادباء إلي جانب ذلك يكتب الرواية كما يكتب الدراسة والنقد وله في كل هذه المجالات كتب منشورة وقد حاز عدة جوائز قيمة.

عبد الفتاح جذب انتباهي ذات سنة خلال زيارة لي إلي سوريا بعد أن قرات له نصا لم أعد أذكره الأن إلا انني بقيت أذكر اسم عبد الفتاح وانشغلت بالبحث عن نصوصه المسرية لما لميته عنده من اختلاف عن كتاب النصوص المسرحية في الوطن العربي ولم اتمكن من العثور علي كتبه المنشورة .

الى هذه السنة بفضل الفضاء الازرق اذ اتصلت به فزودني بكتابين هما الجد الاكبر ودفاتر نايا الي جانب ذلك نصه المنشور في المسرح نيوز والذي حولته لي المبدعة صفاء البيلي بعد طلبي واياه منها وجاءني في شكل بي دي اف. 

وليكن هذا النص الاخير مدخل الي عالم قلعه جي.

أعتقد ان الساحة المسرحية في سوريا بعد رحيل سعد الله ونوس ليس لها الآن كاتب في مستواه سوي قلعه جي وقد يكون ندا له في بعض نصوصه وحتي يتفوق عليه رغم أن نصوص قلعه جي تختلف اختلافا كليا عن نصوص ونوس إذ ينتهج نهجا غير الذي سار فيه الراحل ونوس.

فنصوص قلعه جي في معظمها أو على الأقل ما تمكنت من قراءته تنهج نهج مسرح اللامعقول ويبدو أنه جدا متاثرا بهذ المسرح إذ يمكننا أن نلمس وبسهولة في نصوصه تأثره بكتاب هذا النوع من المسرح في أوروبا وبشكل خاص صمويل بيكيت وإلى حد ما يونسكو.

في مسرحية “هي التي رات” يلجأ رواس الي الاأسطورة ليكتب عن اشكالية الموت والخلود من خلال أسطورة الخضر ونري ذلك في بداية المسرحية وفي إرشاداته بحيث يجعل صورة شخص يقف علي مرتفع وهو يلبس الأخضر ويتفرج علي الطفلة التي تلعب في الحقول رفقة كلبها ثم عثورها علي عشبة غريبة تتذوقها وكلبها .

وهي عشبة الخلود التي اكلها الخضر فأصبح خالدا ولكن جلجامش الذي وجدها ضيعها فأصبح فانيا هكذا يعود قلعه جي إلي الخضر وجلجامش ليكتب عن الموت والخلود ومتسائلا ما هو الموت وما هو الخلود الموت موت الجسم والخلود خلود الروح وعليه فان البنت التي اكلت وكذا كلبها من عشبة الخلود نراها لا تموت روحا بينما تموت جسدا ويموت أبناؤها وأحفادها وهي لا تموت .

كذلك عندما يكتب عن ادم وحواء وطردهما من الجنة وعن قتل قابيل لأخيه هابيل وهي أول الجرائم الإنسانية .. 

ونرى صراع كاب وهاب هكذا يسمهما قلعه جي في نصه ويجعل الراوية نسرا 

وتبلغ لامعقولية قلعه جي ذروتها في نصيه لا شئ في الحديقة ومقهي الجثث المعلقة.

نجد عنده كذلك نهج المسير الديداكتيكي( التعليمي) كما هو عند برتولد بريخت .

بحيث يكثر أحيانا من الدوران حول الفكرة بغرض إيصالها إلي المتلقي والتاكيد عليها مع إطالة نوع ما في الحوار .

ويتميز أسلوب قلعه جي بالشاعرية في اغلب نصوصة لغة سلسلة وكلمات شعرية تسحر بتركياتها وحتي بدلالاتها.

إن عبد الفتاح رواس قلعه جي هو الآن سيد الكتابة المسرحية في سوريا بعد أن كانت ناصيتها تتوقف عند ونوس وإلى حد ما رياض عصمت الذي تحول الي النقد أكثر من كتابة النصوص والى العمل الدبلوماسي اكثر من النقد المسرحي.

لتحميل الكتاب الهام " السهروردي" للكاتب والأديب والمسرحي الاستاذ عبد الفتاح قلعجي أطال الله في عمره عبر الرابط المرفق.